مفردة “الكرامة” ليست كافية لتوصيف هذه الحرب،
الواقع أن الجيش ظل يستنزف قوات التمرد بشريا وماديا
الخطاب العام لحرب السودان ضعيف و مهزوز ومشتت

السودان فعلا أصبح بندا في صراعات المحاور والقوى الكبرى..
الباشمهندس والصحفي الذي سطر اسمه على خارطة نجوم بلادنا في بلاط صاحبة الجلالة ( الصحافة ) هو احد الذين تناوشتهم سهام الذين لم ينعم عليهم الله ببصيرة ان العمل السياسي هو المجال الوحيد الذي يتطلب ان يحدث فيه مراجعات وجرح وتعديل .. وذلك هو عين العقل وليست اوتار مشاعر تحكم وتتحكم في آراءنا .. كما اننا باستضافتنا له عبر صحيفة نبض المهاجر مارسنا الديمقراطية بمعناها الحقيقي .. ولم يمنع تنافسنا كصحافة ان يكون لنا سبق استضافته كواحد من قادة الرأي العام الذين لهم تأثيرهم على المشهد العام في بلادنا .. فجاءت ردوده صادقة وشفافة ..
فإلى مضابط الحوار
اجرى الحوار: سهير الرشيد
الشعب السوداني يعرفك كصحفي وصاحب الصحيفة المقروءة التيار فمن هو عثمان ميرغني ؟
عثمان ميرغني الحسين سعيد – درست هندسة الكمبيوتر وعملت في المجال الهندسي متفرغا له حوالي 12 سنة ثم جمعت بين الهندسة والصحافة .
الميلاد والنشأة والدراسة والخبرات العلمية والعملية
ولدت في مدينة نيالا حيث كان والدي يعمل هناك في السلك المحاسبي ولكني بدأت الدراسة في قريتي “الخليلة” حوالي 25 كيلومترا شمال بحري ثم مصنع سكر الجنيد ثم مصنع سكر حلفا الجديدة (القرية 22 و مدرسة حلفا الأميرية) ثم مدرسة الكدرو الثانوي العامة وبعدها مدرسة بحري الحكومية .
الباشمهندس عثمان ميرغني انت رقم مميز في عالم الصحافة في بلادنا بإنتاجكم لصحيفة التيار التي تكتسح سوق التوزيع
في بلادنا وكمهندس كمبيوتر يأتي سؤال ما الذي دفعكم لتغيير مجالكم كمهندس كمبيوتر الي العمل الاعلامي ؟
لم أغير مجالي. والهندسة ليست مجرد مهنة بل هي أسلوب تفكير يقوم على التحليل والاستنتاج.. جمعت بين هندسة الكمبيوتر وهندسة الصحافة.
ظاهرة المواقع الصحفية الالكترونية والصحف الالكترونية هل هي دليل عافية لإعلامنا السوداني ام تقليد غير مجدي ؟!!
الأمر يتعلق بتطور التكنلوجيا.. في البداية تعلم الانسان الاول الكتابة بالنحت على الحجر ثم تطور الى الكتابة على الجلود ثم الورق و حاليا تنتقل الحضارة الى السطح الافتراضي. المواقع والصحف الالكترونية هي تطور طبيعي في استخدام السطح الافتراضي بديلا للطبيعي الورقي ..المحك في تقييم هذه الصحافة الالكترونية هو ارتقاء رسالتها وعمق وحصافة تأثيرها على المجتمع والدولة.
مسميات اطلقت على الحرب الدائرة في السودان وكل يسميها علي اعتقاده فهنالك من يزعم انها حرب الكرامة والبعض يسميها صراع الجنرالين بماذا يسميها الأستاذ عثمان ميرغني؟
هي ليست حرب صراع الجنرالين .. فقد قامت على أجندة سياسية لاستحواذ على السلطة من جانب مجموعة سياسية استسهلت الانقلاب على الدولة وكانت تتوقع ا تستولي على السلطة سريعا لكنها انزلقت الى هذه الحرب. مفردة “الكرامة” ليست كافية لتوصيف هذه الحرب، وفي تقديري كان الأفضل استخدم توصيف أعمق وقابل لتحقيق مصالح استراتيجية للسودان.
الأمر لا يتعلق بـ”الكرامة” بل أعمق كثيرا..
يتأرجح الموقف العملياتي لحرب السودان بين الكر والفر والتقدم والتقهقر كيف تقرا موقف الاعلام السوداني من حيث التأثير في ميدان الحرب؟
هذه قراءة خاطئة .. الموقف العسكري ظل لصالح الجيش منذ بداية الحرب حتى الآن.. البعض قد يفترض أن تمدد مساحات انتشار قوات التمرد يعني أنها في وضع أفضل.. هذا خطأ.. الواقع أن الجيش ظل يستنزف قوات التمرد بشريا وماديا وتسليحيا في كل معاركه التي خاضها.
ثورة ديسمبر المجيدة اسقطت البشير الا انها لم تحقق المطلوب بعد السقوط في تقديرك ماهي ابرز الأسباب وراء ذلك؟
السبب الرئيسي في المكونات السياسية، لم تتوفر لها الخبرة والنضج السياسي والفكري.. فحاولت تمديد “حالة الثورة” للاستفادة من الزخم الجماهيري بينما أغفلت بناء الدولة. وكان يفترض أن تتحول هذه القوى السياسية من حالة الثورة الى حالة بناء الدولة بأسرع ما امكن.. وتشرع في بناء المؤسسات التي تشكل العظم الفقري للدولة.. لكنها سارعت نحو سباق الاستحواذ على السلطة من أجل السلطة ولم تنجح حتى في تشكيل البرلمان الذي هو أساس الدولة.
حرب السودان .. يعتبرها الجميع بأنها الحرب المنسية !!! الى ماذا تعزي ذلك
الخطاب العام لحرب السودان ضعيف و مهزوز ومشتت.. لذلك ضعف تأثيره الخارجي و جعل الشعب السوداني يكابد حالة التشرد والنزوح واللجوء بلا غطاء سياسي أو سيادي.
منصات التواصل الاجتماعي صارت تقوم بأدوار حيوية في تغطية الحرب كيف تنظر لأدائها المهني وهل تعتقد انها كانت البديل المناسب لدور الاعلام الرسمي؟
للأسف الاعلام صورة عامة ضعيف جدا ولم يترق لمستوى المعركة.. خاصة في وسائط التواصل التي تستهل بث الأخبار الزائفة أو غير الدقيقة مما يتسبب في كوارث و اضعاف الروح المعنوية أحيانا كثيرة.
المفاوضات هي بالضرورة ستنهي الحرب ومع ذلك لم تنجح كافة المبادرات في جدة وجنيف لجمع اطراف الحرب على طاولة المفاوضات الاسباب الحقيقة لهذا الفشل في تقديركم؟!
الأسباب لضعف الارادة السياسة في تسوية الأزمة سلميا.. وفي تقديري لأن العبء الأكبر ظل يتحمله المواطن بلا وجيع كان الفضل أن ينشط المسار التفاوضي ويلتمس كل الطرق التي تؤدي لإنهاء الحرب سريعا مع تحقيق أهداف الجيش كاملة في السيطرة واحتكار القوة والسلاح.
ماهي اكبر التحديات التي تواجه البرهان بصفته قائدا للجيش وماهي الوصفة المطلوبة لتجاوزها؟
التحدي الأهم هو تخليه عن السلطة التنفيذية لصالح حكومة تتولى ترتيب البيت الداخلي لمواجهة أثار الحرب مع المحافظة على المسار السياسي للوصول لاتفاق السلام.
بكل اسف اصبح الصراع الدائر في السودان جزءا من اجندات القوي الإقليمية والدولية اللاهثة وراء مطامعها الخاصة كيف تقرا تداعيات استخدام الفيتو الروسي مؤخرا ؟
الفيتو الروسي ليس له علاقة بالأوضاع في السودان.. لكن السودان فعلا أصبح بندا في صراعات المحاور والقوى الكبرى… ونحتاج أن نستثمر هذا الوضع ونصنع منه فرصة مناسبة..
ما هي توقعات الأستاذ عثمان ميرغني لأخر مرحلة في سيناريو الحرب وهل هي توقعات يمكن حدوثها في المدي القريب؟
الجيش ظل منتصرا من أول يوم وسينتصر في النهاية.. لكن النصر لا يعني السلام.. من الضروري تنشط مسار المفاوضات لتحقيق الأهداف القومية بأقل تكلة وأسرع وقت وأضمن طريقة.
ربما تتفق معي في ان اكثر أبناء السودان ينظرون للجيش بانه مؤدلج وتقوده جماعات حزبية معينة هل تعتقد ان انتصار الجيش يعني حتما عودة الإسلاميين للسلطة؟
الجيش لي مؤدلجا ..ربما يكون هناك بعض الضباط الذين اعطوا مثل هذا الملمح.. لكن الجيش يعمد التراتبية في قيادته وهو جيش مهني عمره 100 عام ويحتاج الى مزيد من الامكانيات والتدريب.
في الختام على الرغم من انكم كنتم احد كوادر الحركة الاسلامية الا انك لم توافقهم في ادائهم السياسي فأنشئت في العام 2015 حزب دولة القانون .. وقمت بتسجيله رسميا .. اين هذا الحزب الان ؟!!
أنا غادرت الحركة السلامية مباشرة بعد التخرج من الجامعة.. و تفرغت للعمل المهني الهندسي و الصحفي.. أما الحزب فقد كان فكرة لم تكتمل على أرض الواقع.. ولا تزال شاخصة.
اشكرك جزيل الشكر أستاذ عثمان علي وقتك الغالي وتحليلاتك العميقة في الختام ماذا تقول للشعب السوداني المكلوم؟
الشكر لكم.. مع تحياتي وتقديري..